قطاع التعليم في السعودية
بعد عقد تخلله نمو كبير في قطاع التعليم، تعرضت العديد من المدارس الخاصة في السعودية لضغوطات متزايدة، حيث بات عدد المقاعد الدراسية يفوق أعداد الأطفال. صحيح أنّ هذا سلط الضوء على مدى نضج السوق، وأتاح خيارات أوسع من المدارس أمام أولياء الأمور، إلا أنّه قد يؤثر على الأداء المالي للأعمال داخل القطاع.
من المعروف أنّه على الشركات في المجالات التنافسية العمل بجد ليس فقط لكسب عملاء جدد، ولكن أيضًا للاحتفاظ بهم. ولأكثر من عقد، كانت المدارس الخاصة في السعودية محظوظة بما يكفي لتكون في وضع غير تنافسي، حيث الطلب على المقاعد أكثر من التوافر الفعلي. وبالرغم من تدخل الهيئات الإدارية، وإضافتها للوائح وأنظمة تصنيف جديدة للحفاظ على معايير التدريس وتحسينها، إلّا أنّ شروط الدفع ورسوم المدارس مشروطة بظروف السوق، فإمّا أن يدفع أولياء الأمور الرسوم المدرسية المتزايدة سنويًا وهم مجبرون، أو أن يخاطروا بتعليم أطفالهم. لكن الأمور بدأت تتغير بسرعة.
فقد بدأنا نشهد تغييرًا جوهريًا في السوق عندما بدأت المدارس الجديدة بتقديم مناهج مختلفة. وفي عام 2018، قامت عدد من المدارس رفيعة المستوى بتخفيض الرسوم، ثم تبعها الكثير.
وبعدها، اجتاح فيروس كوفيد-19 العالم.
مع تطبيق تدابير التباعد الاجتماعي والحاجة إلى التعلم عن بعد، شهد عام 2020 تحولًا هائلاً في نظام التعليم، فظهرت الآن معضلات جديدة أمام المدارس وأولياء الأمور.
قطاع التعليم في السعودية خلال الجائحة
قبل جائحة كوفيد-19، شكلت قضية الرسوم المدرسية في السعودية نقطة حوار دائمة، وظهرت بشكلٍ بارز على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الصحافة. لكن بعد الجائحة، احتدم النقاش أكثر في هذا الموضوع، حيث أعرب العديد من أولياء الأمور عن توقعهم تخفيضًا كبيرًا في الرسوم خلال الفصل الدراسي الأخير من العام، مع ظهور التعلم عن بعد.
فبالنسبة لهم، قيام المدارس بتحصيل الرسوم الدراسية بالكامل ليس عادلًا. إذ لم تقدم المدارس كافة الخدمات المعتادة، واضطر الوالدان أن يشاركا في إدارة أمور معينة من المناهج الدراسية، فضلًا عن وجود قيود مالية شخصية على الوالدين؛ بسبب الأزمة الاقتصادية التي جلبتها الجائحة على الجميع.
بالتأكيد، اتخاذ هكذا قرار بالنسبة للمدارس ليس سهلًا، فضلًا عن الحيرة المخيمة على طريقة إدارة الرسوم، حيث اتبعت بعض المدارس نهج الخصومات اعتمادًا على القدرة المالية للوالدين، بينما تقدم مدارس أخرى خططًا للدفع. وقد تراوحت نسبة تخفيضات الرسوم المختلفة بشكل عام بين 10٪ - 50٪ وفقًا للعدد المبلغ عنه. تشكل هذه المعطيات تحديًا صعبًا عند التصفح، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالتسويق الرقمي للمدارس.
الأمر متروك للمدارس لمساعدة أولياء الأمور على اتخاذ قرارات أفضل لإيجاد المناسب لأطفالهم، خاصة في هذه الأيام غير المعهودة.
مساعدة أولياء الأمور على اتخاذ قرارات أفضل لتعليم أطفالهم
دعنا ننظر إلى هذا الموضوع من زاوية عقلانية.
زيادة العرض في قطاع التعليم كما ذُكر أعلاه، يعني أنّ أولياء الأمور لديهم خيارات واسعة من المدارس للاختيار من بينها. لكنهم يحتاجون أيضًا إلى إلقاء نظرة على الرسوم، خاصة خلال الجائحة. كل ذلك يؤثر مباشرةً على مقدار الوقت الذي يحتاجه أولياء الأمور للبحث بين الخيارات المتاحة والملاءمة لحاجتهم الشخصية والمالية.
في دراسة بحثية غير رسمية أجريت قبل جائحة كوفيد-19، فإنّ أولياء الأمور ينظرون إلى الاعتبارات التالية عند اتخاذ قرار بشأن المدرسة:
- المنهج التعليمي
- سمعة المدرسة
- الرسوم الدراسية (هذا أكثر أهمية من أي وقت مضى)
- سياسات دفع الرسوم
- موقع المدرسة
- المدير وفريق القيادة
- التلاؤم الثقافي
- الخصائص التركيبة الديموغرافية للطلاب
صحيح أنّ كل هذه النقاط منطقية، إلّا أنّه حتى في هذا الوقت، من الصعب العثور على الكثير من هذه المعلومات دون التعامل مباشرةً مع المدرسة، وهذا التحدي الأول لنا كمسوقين رقميين.
اللحظة الحاسمة
صاغت جوجل عبارة اللحظة الحاسمة في كتابها الإلكتروني ZMOT لعام 2011، حيث تشير إلى اللحظة في دورة الشراء بين الحافز (ما يجذب المستخدم إلى المنتج، مثل إعلان أو صفحة وسائل التواصل الاجتماعي) ولحظة الحقيقة الأولى التي يتخذ فيها المستخدم قرارًا بشأن الشراء.
تشير اللحظة الحاسمة إلى مرحلة الاكتشاف والوعي عندما يقضي المستهلك وقتًا في البحث عن منتج أو مؤسسة تجارية ما في رحلة الشراء. ووفقًا لمنصة ثنك ويذ جوجل في دراسة لعام 2020، 53٪ من المتسوقين أكدوا أنهم يجرون أبحاثًا قبل شراء أي منتج للتأكد من اتخاذهم أفضل قرار ممكن.
وفي عام 2012، نشرت كل من جوجل وشركة فورستر ريسيرتش دراسة بحثية لمساعدة الشركات على فهم رحلة الشراء وعملية اتخاذ القرار التي يخوضها العملاء في هذا العالم الرقمي، وكانت النتائج مذهلة.
فقد وُجِد أنّ معظم العملاء أكيدون بنسبة 70٪ على الأقل من عملية الشراء قبل أن يتواصلوا مع شركة. وما أظهرته هذه الدراسة فيما يتعلق بالتعليم، هو أنّ أولياء الأمور أيضًا متأكدين بنسبة 70٪ من القرار المتخذ بشأن المدارس المحتملة لأطفالهم قبل أن يتصلوا بطاقم القبول أو يزوروا مدرسة أو يوم مفتوح أو يتواصلون مع المدرسة بأي شكل.
تم إجراء هذا البحث عام 2012، والآن مع تطور الإنترنت والعالم الرقمي، من الأهمية بمكان تواجد عملك على الأجهزة المحمولة، فانتشار الهواتف الذكية في كل مكان يعني أنّ تلك اللحظة الحاسمة لم تعد محددة بلحظة واحدة، مثل البحث على سطح المكتب أو الحاسوب المحمول. بل هي جزء لا يتجزأ من يوم المستهلكين المتصلين على الدوام بالإنترنت، الذين يمكنهم البحث من أي مكان وعلى أي جهاز وفي أي لحظة؛ لذلك يجب أن يكون عملك حاضرًا، وموقع الويب الخاص بك سهل الوصول من أي جهاز، وعلامتك التجارية موجودة على جميع المنصات من محركات البحث إلى وسائل التواصل الاجتماعي.
فكر بهذا للحظة.
إنّ اللحظة الحاسمة هي اللحظة المعينة التي يقوم فيها ولي الأمر المحتمل بالتعرف إلى المدرسة بنفسه.
كيف يصل أولياء الأمور إلى هذه اللحظة؟
الإجابة ببساطة هي البحث.
أصبح بإمكاننا اليوم الوصول إلى المزيد من المعلومات أكثر من أي وقتٍ مضى مع وجود الإنترنت، وهو المزود الرئيسي لهذه المعلومات. كما تختلف اليوم طريقة التسوق أو اتخاذ قرارات الشراء اختلافًا كبيرًا عما كانت عليه قبل 5 سنوات، حيث نقضي المزيد من الوقت في البحث عن المنتجات أو الخدمات قبل إجراء عملية الشراء، فنحن كمستهلكين حريصون على طريقة إنفاق أموالنا، خاصة وأنّ العالم واجه جائحة أثرت على دخلنا والاقتصاد ككل. ينطبق هذا الأمر أيضًا على قطاع التعليم واختيار مدرسة الطفل لمعظم أولياء الأمور.
أظهر البحث الذي أجري عام 2012 أنّ معظم الناس لا يتخذون قرارًا نهائيًا في هذه المرحلة، ولكن على الأرجح سيضعون قائمة مختصرة صغيرة ليتم الاختيار النهائي منها.
لذلك، إذا لم تكن مدرستك مدرجة في قائمة أحد أولياء الأمور، فلن يكون لديك أي فرصة لتسجيل طفلهم؛ والحل أن تكون مرئيًا خلال مرحلة البحث. يجب أن تفهم كيف يمكنك أن تكون مرئيًا، وأن تظل في الأذهان، و "تساعد" أولياء الأمور على اتخاذ هذا القرار المهم.
البقاء مرئيًا وحاضرًا في الأذهان
كما هو الحال في جميع رحلات الشراء، يجب أن تكون علامتك التجارية (في هذه الحالة مدرستك) مرئية، وأن تظل في أذهان أولياء الأمور عندما يبحثون عن مؤسسات محتملة لأطفالهم.
لكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟
يعود الأمر كله إلى التخطيط الدقيق، والتأكد من أنّ إستراتيجيتك التسويقية متوافقة تمامًا مع عملية البحث التي يقوم بها أولياء الأمور. الرسم البياني أدناه يسلط الضوء على رحلة بحث محتملة قام بها أولياء الأمور خلال مرحلة البحث.
كما ذكرنا سابقًا، سينظر أولياء الأمور في مصدرين رئيسيين للمعلومات عند البحث عن مدرسة جديدة، وهما الإنترنت أو التوصيات من الأصدقاء والعائلة والأقران، إلّا أنّه من المحتمل أيضًا أن تجعل هذه التوصيات أولياء الأمور يجرون بحثًا مباشرًا عن المدرسة.
بمجرد أن يتم البحث عن المدارس، يتم سرد قائمة مختصرة من مدرستين أو ثلاث للمزيد من المراجعة. في هذه المرحلة (اللحظة الحاسمة)، من المرجح أن يتواصل الآباء مع المدارس لترتيب مقابلة أو موعد أو جولة أو اجتماع عبر الإنترنت بسبب التباعد الاجتماعي.
هل هذه الطريقة الوحيدة للوصول لأولياء الأمور؟
بالطبع لا. إذ تتيح منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك أو إنستغرام، وأدوات التسويق الرقمي الأخرى الوصول إلى أولياء الأمور باستخدام حملات متطورة وسهلة النشر، بالاعتماد على معايير استهداف من الأنواع التالية:
- بيانات الموقع
- العمر والجنس والجنسية
- الوضع الأسري وعمر الأطفال
- الدخل
بفضل هذه البيانات، باتت المدارس قادرة على استهداف أولياء الأمور في مواقع محددة من أجل زيادة الظهور والوعي بها وتعزيزها على وسائل التواصل الاجتماعي؛ مثلًا، إذا كان لدى المدرسة برامج لنقل الطلاب، أو تخفيضات وفقًا للوضع الحالي، فإنّ وسائل التواصل الاجتماعي هي المكان الأمثل لزيادة الوعي بهذا الأمر، واستهداف أولياء الأمور الذين وضعوا أطفالهم بالفعل في مدارس أخرى ولكنهم غير راضين عنها.
لذلك، يجب على المدارس دمج كلاً من التسويق عبر محرك البحث ووسائل التواصل الاجتماعي في استراتيجية التسويق الرقمي الخاصة بها. ومن الضروري أيضًا التأكد من أنّ موقع المدرسة على الويب في أفضل حلة، فهو ما يعطي الانطباع الأول عن المدرسة لولي الأمر.
توصياتنا
في النهاية، لا بدّ أنّه بات جليًّا مدى أهمية استخدام المدارس لمنهجية تسويق استراتيجية، إذا كانت تود البقاء مرئية في اللحظة التي يبدأ فيها أولياء الأمور عملية البحث، وهي أهم لحظة خلال عملية تسجيل الطلاب.
إذا كنت مهتمًا بمعرفة كيف يمكن لمدرستك تسويق نفسها لأولياء الأمور المحتملين بشكلٍ أفضل، فيرجى إكمال النموذج الموجود في هذه الصفحة.
تعليقات