المراحل الـ 5 لمنحى أزمة الأعمال التجارية والكوارث: جائحة كوفيد-19

authorأميت فياس dateDec 1, 2020 12:36:00 PM

انخفضت الأسهم السوقية بنسبة 30%، كما أن العديد من سكان العالم عالقين اليوم في ظروف الإغلاق، يترافق هذا مع انتشار الخوف والقلق بالإضافة إلى صراع العديد من روّاد الأعمال للمحافظة على استمرارية أعمالهم. 

باعتبارنا رجال أعمال، فإننا نفخر بالقدرة على اتخاذ القرارات بناءً على التحليل الهادئ والعقلانيّ، ومع ذلك لا بدّ من سيطرة الجزء العاطفي على زمام الأمور في حالة المخاطر والأزمات وهذه هي سمة البشر جميعًا، كذلك غريزتنا التي تدفعنا دائمًا للبحث عن ما هو مؤكد وحتميّ، وحقيقة توجيه النظر نحو السلبيات أكثر من الإيجابيات فإن المشاعر المضطربة تبلغ أوجها في هذه المنحنيات. 
في أوقات كهذه، يجدر بنا البحث عن منظور حقيقي واتباع التفكير العقلاني قدر الإمكان، فالحقيقة تقول أنّه وبمجرد انتشار اللقاح وتوفيره على نطاق واسع، بالإضافة لمراعاة مسافات التباعد الاجتماعي والإجراءات المتخذة للإغلاق، سيقود كل هذا إلى منع انتشار الفيروس. وبالرغم من عدم عودة الأعمال التجارية لوضعها الطبيعي على الفور؛ إلا أنه سيتم ملاحظة فرص حقيقية لزيادة العوائد. يكمن التحدي الحقيقي في هذا الأمر أنه منذ الآن ولحين السيطرة على الفيروس، سيبقى رياديي الأعمال والمدراء في حالة من عدم اليقين وازدواجية المشاعر وتخطبها، ولكن من المهم تحقيق معنى من هذا كله والمساعدة على استخدام نماذج الأعمال جنبًا إلى جنب مع النماذج والدراسات النفسية للحصول على إطار عملي يتغلب على هذه الأمور كلها. 

اختبر مراحل الحزن الـ 5- بقلم إليزابيث كوبلر روس

في كتابها الصادر عام 1969 تحت عنوان "عند الموت والوفاة" ، حددت إليزابيث كوبلر روس خمس مراحل من الحزن بناءً على أبحاثها وتجربتها مع المرضى المصابين بأمراض مميتة، حيث لخصت هذه المراحل الخمسة ب: الإنكار، الغضب الاكتئاب، المساومة، والتقبل، وبالرغم من أنّ هذا الإطار لا يتمحوّر حول عالم الشركات والأعمال إلا أنه بطريقةٍ ما يشمل مشاعر وطرق تفكير روّاد الأعمال في حالات الأزمات وعدم اليقين.كمرجع- إليك نموذج كيوبلر روس-مراحل الحزن الخمسة الأصليّ.

منحنى كوبلر روس مسجل كعلامة تجارية- لا يمكن استخدام النموذج لأغراض تجارية دون إذن كتابي مسبق وترخيص من قبل إليزابيث كوبلر روس فاميلي للشراكة المحدودة.

يتضح بالطبع أن هنالك أجزاء من النموذج يستحيل تطبيقها في نماذج الأعمال، فعلى سبيل المثال يُمكن أن نُعبَر عن الغضب، المساومة والتقبل بالأحداث غير المتوقعة في عالم الأعمال التي تطلب اتخاذ استراتيجيات وأفكار بديلة. نحن على يقين كذلك أن روّاد الأعمال يخضعون لمشاعر الصعود والهبوط ضمن هذا النموذج. 


يكمن التحدي عند تطبيق منحنى كولار روس للحزن على عالم الأعمال هو عدم مطابقته تمامًا لمشاعر وعواطف وتصرفات قادة الأعمال في لحظات الأزمات، و لتصحيح ذلك قمنا بإنشاء نسخة معدّلة قليلة توائم نموذج الأعمال: 

كما يتضح من النموذج الأصلي فقد تحولت مرحلة "المساومة" ل "المساومة والعَقلنة" بينما تعدّلت مراحل "الاكتئاب" و"التقبل" تحت مسميات جديدة وهي " اليأس والاكتئاب"  و " التقبل واتخاذ الخطوات" على التوالي.

دعنا نلقي نظرة على كل مرحلة من هذه المراحل بشكل مفصّل في سياق عالم الأعمال وأزمة كوفيد-19: 

الإنكار 

حرّي بنا القول أنه بعد انتشار أخبار تفشي فيروس كوفيد-19، كانت ردات الفعل خارج مناطق الشرق الأقصى أقرب إلى الجحود والتكذيب. فقد أدركنا أن الفيروس أصاب العديد من الناس بالإعياء ليصل الأمر بتسجيل عدد من الوفيات في الصين مثلًا، ولكن تم إخبارنا أيضًا أن هذا الفيروس لا يتعدى كونه فيروس إنفلونزا عادي يشكل مصدر تهديد لكبار السن والأشخاص الذين يعانون من سجل مرضيّ سابق. تجاهلت معظم الحكومات وقادة العالم، بالإضافة لمختلف الأعمال التجارية احتمالية تفشي المرض على نطاق واسع؛ حيث لم يكونوا ببساطة على استعداد لاستقبال وباء عالميّ. لم يأخذ الكثير منا الأمر على محمل الجدّ بسبب العديد من المشاعر مثل: 

"لن يؤثر هذا الأمر علينا" 
"هذه مشكلة تخصّ الصين وحدها" "  
"تتسبب الأنفلونزا بقتل الناس في كل عام، ولا يوجد فارق عظيم بين الأنفلونزا العادية وفيروس كورونا" 
وكنتيجة لهذا، واصل المعظم حول العالم أعمالهم كالمعتاد، دون اتخاذ أي إجراءات احترازية للوقاية. 

الغضب

المرحلة التالية في هذا النموذج هي الغضب، حيث تبدأ بلعب الدّور بعد مرحلة الإنكار، وذلك لحظة بدء الأزمة بالتأثير على حياتنا بشكل حقيقي، حيث يُصبّ هذا الغضب تجاه الآخرين في معظم الأحيان، وأحيانًا أخرى تجاه الشخص نفسه. يمكن أن تظهر علامات الغضب التالية على الأشخاص في ظلّ أزمة كوفيد-19: 

"كيف لم نلحظ قدوم المرض؟"
"لِمَ لا تبذل الحكومات المزيد من الجهود لمساعدة الناس أمثالي؟"
"سيؤدي هذا بالتأكيد لإلحاق الضرر بأعمالي"
"كيف لم ألحظ قدوم المرض؟".  

يتخذ الأشخاص الغاضبون قرارات سيئة؛ لذا لا يُنصح بإحداث أي تغييرات جذرية في الأعمال إذا ما كُنتَ تختبر مثل هذه المشاعر والحالات في مرحلة كهذه. 


"المساومة والعَقلنة"

في هذه المرحلة، يسعى قادة ورجال الأعمال لفهم ما يحدث. حيث يرغبون بالحديث عن أثر ما يحدث على أعمالهم، والتواصل مع مجتمعاتهم لمشاركة القصص. تتلخص تصرفات مرحلة "المساومة والعَقلنة" حول البحث عن طرق للتصرف بشكل عقلاني وتجنب التغيير بشكل جذريَ. على سبيل المثال، بدلًا من مطالبة الناس بعدم القدوم للعمل يُمكن التوجه لتنفيذ إجراءات أقل صرامة، كأن يتم فرض التباعد الاجتماعيّ في أماكن العمل. 

تتضمن مرحلة "المساومة والعَقلنة" الرّغبة في أن تتخذ الأمور منحى مختلف عما هو عليه ولكنّ هذه الأمور غالبًا هي أحداث لا يُمكن السيطرة عليها. 

 "اليأس والاكتئاب"

في المواقف التي يشعر بها قادة ورجال الأعمال بفقدان السيطرة إلى حد ما، وبأن مختلف الأمور تجري في اتجاه معاكس لرغباتهم؛ قد يجدون أنفسهم في حالة من اليأس بل وربما الاكتئاب، فتسيطر مشاعر الإرهاق والعجز عليهم. هنا يبدأ القادة بالانسحاب والتراجع عن القتال واتخاذ الحلول؛ وذلك ببساطة  لأنهم لا يعرفون من أين يبدأون أو ما هي الخطوة الأنسب لمعالجة المشاكل، وبدلًا عن ذلك يركنون جنبًا و يشتتون أنفسهم أكثر، آملين أن تختفي المشاكل من تلقاء نفسها. قد يدفع اليأس في هذه المرحلة العديد من أصحاب الأعمال لسؤال أنفسهم فيما إذا كان استمرارية العمل والقتال من أجل النجاة أمرًا يستحق كل هذا الجهد المبذول. 

أسئلة مثل: "هل يجب أن نهتم حقًا؟ ما الهدف من هذا كله؟" بالإضافة للمزيد من الأسئلة العملية مثل :" كيف سنقوم بسداد دفعات الموّردين؟" أو "كيف سنقوم بدفع الرواتب؟" تصبح أكثر شيوعًا في مرحلة كهذه. 


التقبل واتخاذ الخطوات 

 تكمن المرحلة الجوهرية في مراحل أزمة الأعمال ومنحنى الكوارث الذي قمنا باستحداثه، هي مرحلة التقبل واتخاذ الخطوات، حيث يتجه روّاد وقادة الأعمال نحو الحلول بدلًا من التركيز على المشكلات، ويبدأون السيطرة على الموقف. 

ولا يعني "التقبل" بالضرورة الرضا عن الحالة العامة أو الموقف؛ لكنه يُركّز على التخلي وصرف النظر عن الأمور الخارجة عن السيطرة ( على سبيل المثال: الفيروس، إجراءات الحكومة، القيود المفروضة) والتركيز بدلًا من ذلك على الأمور التي تستطيع اتخاذ زمام الأمور فيها والسيطرة عليها. بمجرد التركيز على هذه الأمور يستطيع أن ينتقل أصحاب الأعمال لمرحلة اتخاذ القرارات العقلانية، والإجراءات التي تساعدهم على النجاة والوصول في نهاية المطاف للانتعاش والتعافي.

تسريع الانتقال لمرحلة التقبل واتخاذ الخطوات 

يكمن مفتاح السيطرة على الجزء العاطفي والانتقال إلى استجابة أكثر عقلانية  هو إشراك العامل المنطقي في المعادلة، حيث تساعد عمليات جمع المعلومات وتحليلها على توضيح طبيعة الموقف ومن ثم اتخاذ قرارات تتسم بالعقلانية. كما يعد إنشاء تنبؤات تدفق نقدي مُحدّثة باستمرار عنصر ضروري لفهم موقع عملك التجاري، وما هي أماكن الفرص التي يُمكن استغلالها لتوفير التكلفة أو ما هي الأمور الداعمة الإضافية التي يحتاج إليها عملك مثلًا. ( من هم العملاء الأكثر فائدة بالنسبة لعملك التجاري، أي من المنتجات والخدمات تجعل منك الأفضل في السوق، ما الأمور الفعّالة أو غير الفعّالة بالنسبة لاستراتيجيتك التسويقية وكل هذا بناء على بيانات فعّلية وليس شعور أو تخمين) 

قد لا يكون القيام بالتحليل هو الأمر الأكثر متعة بالنسبة لأصحاب الأعمال؛ ولكنّ فهم الواقع بصورة صحيحة يساعد على الحدّ من القلق، ويمنح إحساسًا بتولي زمام الأمور، بالإضافة إلى تمكين اتخاذ القرارات العقلانية القائمة على بيانات فعليّة، كما سيوفر التحليل رؤية واضحة وثقة تُمكّن الأفرقة المختلفة من اتخاذ الإجراءات التي تساعد على النجاة من كوفيد-19 والازدهار حين انتعاش السوق. 

يلخص الجدول أدناه المراحل ال5  لمنحى أزمة الأعمال التجارية والكوارث وعلاقته بجائحة كوفيد-19: 

الخاتمة: 

في مثل هذه الأوقات المضطربة، من الطبيعي جدًا أن يشعر أصحاب الأعمال بالتأرجح العاطفي بسبب ما تؤول إليه الأمور؛ ولكن لا شيء يهزم القلق والاضطرابات مثل اتخاذ الخطوات فإذا ما وجدت نفسك متوترًا بسبب مجريات العمل، أو قلقًا بسبب المستقبل، أو حتى انتابك الارتباك من هول الموقف، فلا تجزع.. كل ما عليك فعله هو أخذ نفس عميق (بكل ما تحمله الكلمة من معنى) ومن ثمّ ركَز على الخطوات التي يمكنك القيام بها، وأشرِك بالطبع العقلانية دائمًا في الأمر ليتم الإنجاز بصورة صحيحة.
لا وقت للذعر الآن، إنه وقت التخطيط- ذلك لأنّ التخطيط يخلق وضوحًا والوضوح يقود للهدوء والاستقرار.حيث أنّ من يستجيب لهذه الأزمة بشكل عقلانيّ ، يحصل على الفرص الأمثل بعد عودة حال السوق لطبيعته. 

عن الكتّاب 

أميت فياس هو المدير التنفيذي لوكالة NEXA للنمو والتسويق الرقميّ والتي تقع مكاتبها في كل من دبي، ونيويورك ومانشستر. شارك أميت في تأسيس وكالة Nexa الموجهة للنمو عام 2005، كما وقام بالعمل مع العديد من الأعمال التجارية الرائدة في مختلف أنحاء العالم لمساعدتهم على التحوّل الرقميّ في مجال المبيعات، وإدارة علاقات العملاء، وعمليات التسويق. أميت هو لاعب جولف قوي، ومشجع كرة قدم نهم، ورائد أعمال شغوف.

مارك ويليام هو مدرب أعمال رياديّ في نورويتش، المملكة المتحدة. على مدار 20 عامًا كان مارك أحد المدربين الذين تمّ الوثوق بهم من قبل أكبر مؤسسات الأعمال الرائدة في جميع أنحاء العالم؛ حيث يساعدهم على تنمية أرباحهم ورفع أدائهم عبر موظفيهم. مارك شخص شغوف بالسفر وكرة القدم، كما يهتم بمساعدة الناس والأعمال لإظهار أقصى طاقاتهم. 

نبذة عن NEXA 

نفخر في NEXA  بكوننا من روّاد الفكر، وأحد الوكالات التي تتخذ شكل التفكير العقلاني والموضوعيَ ، كما ونفهم حاجات الموظفين والعملاء على حد سواء؛ لذلك قد تلاحظ مدى اختلاف هذه المقالة عن مقالاتنا الأخرى ولكن بعد تحدثنا إلى العديد من الأصدقاء والعملاء والزملاء- الذين يمرّون جميعهم في الحالات التي تمّت الإشارة إليها في الأعلى، نأمل أن تكون هذه المقالة مفيدة بالنسبة لهم، وتساعدهم على الوصول إلى المرحلة التي تتسم بالعقلانية والإنتاج بأقصى سرعة ممكنة. 

يسعدنا سماع ملاحظاتك. لا تتردد بالتواصل مع أميت فياس، المدير التنفيذي ل NEXA عبر البريد الإلكتروني. 



المراجع: 

https://www.psycom.net/depression.central.grief.html  
https://strategiccfo.com/5-stages-business-grief-2/  
https://strategiccfo.com/5-stages-business-grief/  
http://grief.com/images/pdf/5%20Stages%20of%20Grief.pdf  
https://en.wikipedia.org/wiki/K%C3%BCbler-Ross_model 
https://grief.com/the-five-stages-of-grief/ 
https://www.prdaily.com/how-to-identify-the-stages-of-grief-in-covid-19-messages/ 

تعليقات

Whatsapp